الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
نلاحظ منذ فترة زيادة الاسعار في معظم ما نحتاج إليه
بل إنها تزاد يوماّّ بعد يوم
وهذا بطبيعة الحال يرهق كاهلنا مقابل دخلنا
فالتجار هداهم الله لم يراعوا ظروف الناس
مارايكم لو أننا إقتصرناعلى حاجاتنا الضرورية جداّّ
وتركنا بضائعهم في مستودعاتهم
ألن يخرجوها لكم بنفس لاسعار السابقة التي كان يقبل بها غالبيتكم
انتم أكثر منهم
هم الذين يحتاجون إليكم أكثر من حاجتكم إليهم
جاء في الأثر أن الناس في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - جاءوا إليه وقالوا :
نشتكي إليك غلاء اللحم فسعره لنا ،فقال: أرخصوه أنتم ؟فقالوا :نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزارين ونحن أصحاب الحاجة فتقول :أرخصوه أنتم ؟ وهل نملكه حتى نرخصه ؟وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا ؟
فقال قولته الرائعة :اتركوه لهم..إن عمر رضي الله عنه يرسم لنا نظرية اقتصادية بسيطة ولكنها عظيمة الأثر ، كبيرة النفع ، وهي الموازنة بين الطلب
والعرض ،فمن المعلوم أنه عندما تحدث زيادة في الطلب على سلعة ما ؛ فإن الأسعار ترتفع تبعاً لذلك مما يؤدي إلى تراجع
الناس عن الشراء فيحدث توازن بين الطلب والعرض ، فزيادة الأسعار أدت إلى خفض زيادة الطلب . وبالعكس إذا كان
الطلب أدنى من العرض , فإن الباعة يتوجهون إلى خفض أسعارهم ، عندئذ تختفي زيادة العرض .
بل إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يطرح بين أيدينا نظرية أخرى في مكافحة الغلاء وهي إرخاص السلعة عبر إبدالها
بسلعة أخرى ؛ فقد جاء في تاريخ يحي بن معين : ( قال: حدثنا القاسم بن مالك عن يوسف بن دراقس قال : حدثني مغيرة
بن عطية عن رزين بن الأعرج مولى لآل العباس قال : غلا علينا الزبيب بمكة فكتبنا إلى على بن أبى طالب بالكوفة أن
الزبيب قد غلا علينا , فكتب أن أرخصوه بالتمر ) أي استبدلوه بشراء التمر الذي كان متوفرا في الحجاز وأسعاره رخيصة
فيقل الطلب على الزبيب فيرخص . وإن لم يرخص فالتمر خير بديل .
والقاصي والداني يعرف ما حصل لبعض البضائع الدنمركية عندما قاطعها الناس واستبدلوها بسلع أخرى كيف تهاوت
أسعارها بشكل كبير حتى وصلت إلى النصف تقريبا .
فهل نبادر إلى تغير سياستنا في إدارة أموالنا التي جعل الله لنا قياما بما يتوافق مع التحديات التي تصبحنا وتمسينا ، وهل ننبذ
العشوائية والفوضوية والسطحية في التعامل مع ما يواجهنا من نوازل ومشكلات ، وهل نخشوشن ونوقن بأن النعم لا تدوم
وإذا غلا شيء عليَّ تركته ... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
أخوكم
مهندس بشري