فى امسية هادئة دار حوار ذا شجون بينى وبين صديقى عربى الهوى والهوية ...........
[نعم هو عربى الهوية بحسب مولده وجذوره العربية ... فجذوره تعتبر اصل العرب
وهو ايضا عربى الهوى ... تجده يعشق حروف كلمة عربى بكل معانيها .... ولا يقبل الا ان يقرن اسمه واسم موطنه الا بلفظ العربى
ومقولته التى اشتهر بها بين اصدقاءه ... هناك الكثير من عرب الهوية ولكن هواهم غربى ... او بحرى على رأى المصريين
المهم ان ما دار بينى وبين صديقى انقله الان بقليل من النصرف .... واستميحه عذرا .... فما كتبت هذا الا وفاء له واعجابا برأيه
فقد كنا نتناقش فى احوال العرب عموما ونسخر مما يجرى على الساحة العربية بداية من القمة العربية مرورا بطوابير الخبز ... ثم عرجنا على تناقضات الشعب العربى ورؤيته للقضايا وأحكامه عليها .. حتى سخرنا من أنفسنا وأوهامنا ...
وعلى غرة وجدته يسألنى وقد اكتسب صوته نبرة جادة ................ ترى هل سننتصر ؟ .............. ومتى ننتصر
باغتنى سؤاله وأسقط فى يدى .... فلم أكن ذهنيا مستعدا لمثل هذا سؤال .... وبالفعل لم افهم مراده من السؤال...
فأجبته بتلقائية ... تنتصرون على من .... ما أعلمه أن بلدكم قد توحد بشطريه منذ أمد بعيد ... وكذلك ليس بينه وبين اى بلد عداوة ما
رغم وجوده فى بؤرة الصراع ... قد تكون لديكم بعض القلاقل والخلافات القبلية الداخلية البسيطة ... وهى ظاهرة تعانى منها معظم البلدان العربية ... وانتم تنعمون الان بنوع من الاستقرار النسبى ...
وغلب على طابع السخرية ثانية فمازحته قائلا ... ام تراك تتوهم انكم فى حالة حرب يا دون كيشوت ... فأنتم من البلاد العربية التى دائما نسمع لها قرقعة ولا نجد لها طحنا ....
اجابنى بحدة وقد لمست بعضا من الضيق باديا فى نبرات صوته ..............
كلا يا اخى ... لم تنظر اسفل قدمك ........... ما قصدت بلدى او بلدك .... بل قصدتنا نحن مجمل العرب .... هل سننتصر يوما بعد كل هذه الهزائم المتتالية .... وهذا الاندحار ...
ادركت حينها انه جاد فى سؤاله .. ومهموم حقا .... واكاد اقول يائسا
فقلت مخففا عنه وقد تقمصت شخصية حكيم الزمان وايضا هربا من الاسترسال فى المناقشة معه وهو على ذاك الحال... نعم يا اخى سننتصر يوما ما ... فنحن سلالة من لا يعرفون للهوان طعما ... وما نحن فيه الان ان هى الا غمرات وستنجلى بأذن الله
فأذ به يحاصرنى قائلا ... بما انك أجبت الشق الاول من سؤالى بطريقة هلامية زلقة اعلمها جيدا عنك.......... أرجو أن تجيب الشق الثانى بوضوح وتحديد أكثر .................................. متى ننتصر
ولما كنت أعلم عن صديقى هذا انه شخصية مثقفة جدا وتعى كل كلمة تنطق بها .... وأدرك جيدا انه لن يتركنى او ينهى هذه المناقشة الا بعد أن يتقين انه قد سبر أغوار نفسي واستفزنى حتى افضى اليه بمكنون افكارى ... لذا ترانى دائما اتحاشى الخوض معه فى مناقشات منفرده واحتمى منه بأصدقائنا فى مثل هذه المناقشات ....
اما الان وقد استفرد بى وحاصرنى فليس هناك بد من أن اكشر له عن انيابى وأباغته بالهجوم عسى أن يرتدع ...
فقلت له لست انا من يراوغ بل هو انت بأسئلتك الغير محددة و العمومية أكثر مما يجب ... قل لى سننتصر على من وننتصر لمن
قال هادئا ننتصر لديننا وأنفسنا وعروبتنا وتاريخنا .... وعلى كل من دنس ارضنا وهتك سترنا وأعراضنا واستعدى على ديننا وسب رسولنا
فقلت له يا أخى كأنك تطلب أن نحارب العالم كله ...
فقال وهل الانتصارات دائما بالحروب والقتال .....
فقلت له حيرتنى .. كأنك تطلب روشتة بها علاج لكافة امراضنا المستعصية .... او وصفة سحرية لدائنا المزمن الفرقة والاختلاف
عموما تشخيص علاتنا ياخى لن تجده عندى .... بل عند كل عربى ... فكل علته غير الاخر ... وستسمع اجابات مختلفة بعدد الاحياء والاموات ممن يحملون صفة عربى
قال ولكن هناك تشخيص عام لحالتنا وليس بالضرورة ان يكون تشخيصا متخصصا ... للمرة الاخيرة أجب دون مراوغة .... متى ننتصر
فقلت له حسنا ... سننتصر حين نجتمع جميعا على قول لا اله الا الله محمد رسول الله ... وحين ترى المساجد وقد عمرت بمرتاديها
وحين نعتصم بحبل الله كما أمرنا ...
فرد قائلا ... ما هذه المماطلة والتسويف والسفسطة البالية ... كأنك تعطى مخدر لاعلاج ... اتحسب سوادنا كفارا .... اتحسبنا جميعا تركنا عبادة الله والتمسك بسنة رسوله ... اتقى الله أنت وأمثالك ممن يرددون هذا الخطاب
ودعك من هذا القول فالاسلام بيننا بخير وهكذا حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير فى امته الى يوم الدين ... و اغلبنا يعلم ما له وما عليه تجاه الله وتجاه دينه ... ولكنى سأقول لك متى ننتصر
سننتصر علاوة على ما ذكرته انت
حين يصبح المواطن العربى يعامل كمواطن درجة اولى فى بلده ويعامل على انه سيد لا عبد
حين يحيا كل مواطن عربى حياة كريمة تليق بأدميته ولا يستجدى رغيف الخبز لابنائه
حين يكون خير الاوطان لابنائها كافة وليس لطغمة فقط
حين يكرم الشهداء وابنائهم بما يليق بما قدموه للاوطان من تضحيات ...
حين تعود اموال العرب المنهوبة من بنوك الخارج لتستثمر فى بلادهم
حين يأمن المواطن على نفسه واهله من زوار الفجر والمعتقلات والتعذيب الجسدى والنفسى
حين تمنتع الحكومات عن بيع ابنائها للامريكان وغيرهم بحجة محاربة الارهاب ... والحقيقة حماية كراسى الحكام
حين تطالب كل الدول العربية بأطلاق ابنائها المحتجزين فى سجون العالم وجوانتناموا ظلما وتطالب بتعويضهم والقصاص لهم من جلاديهم
حين نحدد اولوياتنا ... ومن هو العدو ومن هو الصديق ..... ويكون لكل حادث حديثه بيننا
حين يفطن كل حاكم ان رعيته هم امانة فى عنقه سيسأل عنها يوم القيامة .... وليسوا تراثا او عقارا ورثه عن أبائه يتصرف فيهم كما يحلو له
حين يجتمع حاكمين عربيين ولا يخفى كل منهما خنجره فى خاصرته ويقبل كل منهما الاخر من الامام بينما يده تتحسس الخنجر من الخلف
وحين كذا وكذا وكذا..... وظل صديقى يعدد ... وانا اتعجب مما يقول ... هل هو جاد فعلا ... ام عاد لحديثه الساخر اللذى بدأناه سويا
ضحكت ملء فمى وقلت له من من هو الحالم يا اخى ... من كلامك هذا يبدو اننا لن ننتصر ابدا....... لم يعقب وانتهى حديثنا على هذا
......... ثم انقطع عن الاتصال بى فترة .. .... الى ان وصلتنى رسالة منه تفيد بمرضه بعد هذا الحوار مباشرة