صراع بين الموت والميلاد
كنت أجلس وحيدا بين أوراقي المبعثرة هنا وهناك كنت شارد الذهن
تتصارع في مخيلتي أفكار وتتزاحم في عقلي مواضيع شتى
حقيقةلا أدري بما كنت أفكر أفكر
لكن كانت هناك حالة لست أدري ماهي وأنا أرتشف فنجان قهوتي سارح في بحر تأملاتي
ومن حين لأخر كنت أسترق النظر إلى تلك الشمعة التي أضأتها
في تلك الزاوية مستغنيا عن الروتين الكهربائي ربما لأجعل الجو أكثر رومانسية
ربما لأني أردت الكتابة وربما لست أدري ؟
وبينما أنا كذلك وإذ بصديقتي العزيزة زمردة تظهر على النت
وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث
ومن بين ما تكلمنا به عن الإنقطاع المتواصل للتيار الكهربائي عندها , وما يسببه من إزعاج وهي تدرس
وعن ما ندونه ونكتبه
إلى أن سألتني وماذا تفعل الأن ؟
قلت لها : كنت أفكر وأحاول الكتابة لكن تهرب الكلمات مني
قالت : حسن لابد ان تكتب لا بد أن تكتب
وألحت عليّ بالكتابة لشوقها لما أكتب ولحرصها كصديقة على استمراري بالكتابة
يجب أن تكتب وتنشر
ونرى كتاباتك
قلت لها سأكتب
وكنت عندها أنظر لتلك الشمعة المضاءة في ركن الصالة
وسرحت مخيلتي بها وبتراقص لهيبها وعلو وإنخفاض أنفاسها
قلت زمردة : هل لا زلت معي ؟
قالت : نعم أكتب وسأقرأ أنا معك
صراع بين الموت والميلاد
عندما تقرع الأجراس معلنة نهاية الطريق
يبدأ الصراع بين الموت والحياة
تتحد الأشياء وتموت في رحم الموت حياة
تماما كما يولد من رحم الكلمة معنى ويتفجر من رحم الأرض بركان
في تلك الزاوية من غرفتي أستطيع أن أشاهد الحياة بكامل فصولها
والموت بشتى صوره
قبل لحظات أشعلت الشموع في تلك الزاوية
وبدأت بإشتعالها رحلة الموت والميلاد
وبدأت الأجراس تقرع وعقارب الساعة تسير بخطاها الجنائزية
هذه هي الحياة شموع ودموع
أخذ وعطاء وتضحية ولكن لماذا ؟حتما ودون شك لأجل الموت والميلاد من جديد
ولكن في لحظة المابين يحتدم الصراع ويعلو صوت الأجراس وتزداد خفقات القلب تارة وتغفو تارة أخرى
ورعشات الروح تتسارع وتتحشرج الكلمات وتتلعثم وتعلو الأنفاس وتتزاحم الأفكار والصور كشريط سينمائي
وتبدأ رحلة العذاب في العد التنازلي
تشيخ الكلمات وتشيب الأحرف وتحبل المعاني وتتفجر من العيون دموع كالسيل المنهمر وتتعالى الآهات
تارة وتارة تغفوا على صدر الحياة
تحاول أن تأخذ من القلب المسكين ما بقي لديه من حياة
وترقص الروح رقصات جنونية تصور بها كل صغيرة وكبيرة مرت ولو كالبرق الخاطف في حياتها
وتغني أغنية الوداع الأخيرة بصمت أليم كصمت القبور
وفجأة تبكي بكاء مرا حارا تذوب به شفاهها الخائفة المرتجفة وتهبط بي قدميها المرتعشتين المتعبتين وهنا تضطرب دقات الأجراس
ويطبق الظلام كالخنجر على رعشة الروح الأخيرة ليعلن نهاية الطريق
وتتوقف فجأة عقارب الزمن وتحترق الشعرة الفاصلة بين الحياة والموت ليسطر بعدها السرمد الكوني
وكأنني أسمع صرخة تصل إلى عنان السماء ووميضا يطلق آهة خرسة وهنا يبدأ الصراع من جديد بين
الموت والميلاد الجديد
شكر خاص للأخت والصديقة العزيزة زمردة صاحبة الإلهام لهذا الموضوع
فائق ودي
حــــ نعيم ـــــــــن