أوراق في حياتنا
في حياتنا أوراق كتبناها بأيدينا ، وطويناها صفحة بعد صفحة ، فمنها ما كان ناصع البياض ، ومنها ما كان أسود اللون كاتماً على القلب ، فمهما كان اللون .. فنحن من كتبها .. ولوّنها بكتاب طريق الزمن ! وجاء الوقت لتمزيقها ، والتخلص منها ، حتى نستطيع إكمال حياتنا ومسيرتها
؛
.. إليكم الأوراق ..
************ *****
الورقة الأولى
عندما نضحي ونحرق عصب عروقنا ، ونغلي دمائنا ، ونشغل بالنا وفكرنا ، ونجند أنفسنا لغيرنا ، ونحرم أجسادنا وقلوبنا من مرح الدنيا وجمالها ، ونغضب ونقهر ليفرح من معنا ، ونقلق ونتقلب لينام حبيبنا ، وتتفجر أجسامنا ألف مرة في اللحظة الواحدة ، ونناضل ونعارك ، وتموت طموحاتنا ثم نعود من أجلهم ، فيكون بديل كل ذلك بالجحود ، وليكون بديله المزيد من الاستنزاف دون العطاء ، ويكون بديله الخداع والقتال ، عندما نحتاج إلى وقوفهم بجانبنا ، ويحقر ويصغر صورتك ، في اعتقاده بأن ذلك يزيد من جمال صورته ، ليضع كل ما بينه وبينك تحت أقدامه لإذلالك ، تكون هذه الورقة السوداء في حياتنا ، ومن الصعب علينا الرجوع إليها والنظر فيها .. ورقة لا بد أن نمزقهـــا.
************ *****
الورقة الثانية
عندما نخجل ممن أمامنا ، فنعمل لأننا نحب العمل معهم ، فنتنازل عن حقوقنا ، وفي اعتقادنا بأن الوجه سوف يخجل ، ويقدر جهودنا ، وعندما نرى حقوقنا تضيع بسببهم ومن أجلهم ، وعندما نرى المستقبل مظلم لأننا ندعمهم ، وعندما يفسر عطاؤك بالواجب ، وتجنّد نفسك من أجلهم ، فتعوض بعد ذلك بغطرسة وغرور الإنسان الضعيف ، ويفسر خجلك بالضعف والجهل بحقوقك ، فتغسل وتستنزف ، ليشرب المزيد من دمك ، وأنت تخجل وقد رفع هو غطاء الحياء والخجل ، فستكون هذه الورقة السوداء في حياتنا ، ومن الصعب علينا الرجوع إليها والنظر فيها .. ورقة لا بد أن نمزقهـــا.
************ *****
الورقة الثالثة
مقربون مقربون ، شئنا أم أبينا مقربون ، نقدم ونتنازل ونخلص ، ونكون أصحاب المواقف معهم ، وفي النهاية نحن معدمون ، مقربون منهم وهم غرباء عنا ، نقف بمصائبهم وحاجاتهم ، ليكون هو الواجب علينا ، فيقفون بجوارنا ليكون المقابل بالنسبة ، وبعدد معلوم ، مقربون وهم يكرهون الخير لك ، مقربون وهم ينظرون للقمة العيش ! التي كان صاحب الفضل فيها هو رب العزة والجلالة ، مقربون وهم يتمنون الخير لغيرك ، أو أن تحرق ، ولا تصل ليدك وجيبك ، فهم المقربون والحاسدون ، والورقة السوداء في حياتنا ، ومن الصعب علينا الرجوع إليها والنظر فيها .. ورقة لا بد أن نمزقهـــا.
************ *****
الورقة الرابعة
طيبتنا مع ناس لا يستحقون ذرة طيبة ، نقنع أنفسنا بأنهم سوف يقدرون ما نفعل من أجلهم ، ونصبر أنفسنا قائلين : سيفهمون ما نفعله غدا ، ولكن دون جدوى ودون إحساس ، فنسبقهم في عمل واجباتهم ، لا ننتظر كلمة شكر وكل ما نريده هو ؛ لمسة إحساس ؛ تجعلنا نصبح أكبر من كل هذا الكون ، ولكن يتضح في النهاية ، أن ما نفعله في وجهة نظرهم ، هو واجب علينا ويجب أن نفعله من دون شكر ، فستكون هذه الورقة السوداء في حياتنا ، ومن الصعب علينا الرجوع إليها والنظر فيها .. ورقة لا بد أن نمزقهـــا.
************ *****
وآخر ورقة
إن كنت تريد أن ترتاح ؛ كن معتدلاً في عطاءك ؛ فأعطي من يستحق على قدر عطاءه لك ؛