-ثانيا ً ، العوامل البشرية المؤثرة في التنمية السياحية .
رغم أن صناعة السياحة قد استهدفت رفاهية الإنسان من نشاطات متنوعة فنية واستجمامية ، وثقافية ورياضية ؛ إلا أن هذا القطاع قد أعتبر مورد صناعي هام في النظام الاقتصادي ألخدماتي ، تبعا ً لما تحققه من فرص عمل جديدة للطاقات الشابة ضمن نظام مهني متكامل تشمل الفئات الاجتماعية الناشطة سياحيا ً وتشمل جميع العاملين في هذا القطاع انطلاقاً من موظفي وكالات السفر إلى موظفي الاستقبالات وما تلاها من أنماط عمل تخدم هذا القطاع وتحقق الغاية المرجوة . وعلى أثر هذا التطور شكلت الشركات الضخمة للفنادق ووكالات السفر دور فاعل في تفعيل هذا القطاع ، وفتح فرص عمل جديدة أمام اختصاصات علمية مهنية فرضها هذا القطاع ولا سيما أمام خريجي التعليم المهني التقني الذي أوكل إليه العديد من برامج استهدفت مهن سياحية وخدماتية مختلفة طالت المرافق الإيوائية السياحية والخدمات المالية المرافق للقطاع السياحي . وتشمل العوامل البشرية هنا جميع الفئات الناشطة والمستفيدة من القطاعات السياحية بشكل مباشر وغير مباشر. وقد شكل النمو الديموغرافي ، ونمو المداخيل لدى الأفراد مع شرعية العطل السنوية والإدارية وارتفاع القدرة الشرائية عدا عن اتساع أوقات الفراغ بسبب تناقص ساعات العمل، ودفع بالفرد إلى إيجاد طرق بديلة يملي أوقاته بالتسلية والاستجمام والراحة هرباً من الحياة الصاخبة في المدن الكبرى ، وتخفيفا ً من معاناته النفسية الذي يتعرض إليها مع ضغوطات عمله المتواصل لفترة طويلة، مما شكل عامل فاعل وحيوي في تنشيط السياحة المحلية ، حيث نشطت حركة الأفراد تجاه ظاهرة الاستجمام وقضاء العطل الفصلية في مراكز سياحية هامة تاريخيا ً أو ثقافياً عامل فاعل في تنشيط قطاع السياحي ، وهذا ما دفع المستثمرون السياحيون من إيجاد طرق وابتكار وسائل تنشط هذا القطاع وتدفع به لاستمرارية رواجه مع تحول الأزمنة وما تفرضه من تغيرات اجتماعية واقتصادية على الدول بشكل عام.
يعتبر سكان الدول الغنية من الدول البارزة والمصدر للسياح عالميا ً نظرا ً ، لما يعيشه الفرد لديها من رخاء معيشي نتيجة ارتفاع المداخيل الفردية والتي تنعكس إيجابا ً على القدرة الشرائية لديه، على عكس سكان الدول الفقيرة النامية والذي يعجز معظم مواطنيها عن ممارسة النشاطات السياحية أو انعدام القدرة لديهم بالسفر لمناطق سياحية نتيجة عدم توفر لديهم القدرة الشرائية أو الإمكانيات المالية اللازمة نتيجة انخفاض المداخيل الفردية لديها وضعف في نظامها الاقتصادي .ونجد حسب ما ورد في صحيفة le monde، بتاريخ 10\12\1999 ، أن ألمانيا تشكل أولى الدول المصدرة للسياحة (152,9 مليون سائح سنوياً ) ، تليها اليابان (141,5 سائح ) ، فالولايات المتحدة (123,3 مليون سائح ) ، فالصين ، فبريطانيا ، فرنسا ، هولندا ، إيطاليا ، كند ، روسيا التي يبلع عدد تصديرها (30,5 مليون سائح ) وهذا باتجاه الدول التي تتمتع بخاصية سياحية متقدمة ورائجة من حيث الخدمة والتطور التقني المتوفر لراحة السائح ، وقد شكلت الصين الدولة الأولى المستقبلة للسياح (تستقبل 130 مليون سائح سنويا ً) تليها فرنسا والتي تستقبل (106,1 مليون سائح ) ، من ثم الولايات المتحدة ، اسبانيا ، بريطانيا ، ايطاليا المكسيك روسيا ، والجدير بالذكر أن حصة الدول النامية من الناتج السياحي العالمي متدني بسبب افتقادها للشروط السياحية التي تتناسب مع هوية السائح ومتطلباته .فنستنج هنا أن أوروبا وأمريكيا الشمالية تستقطب ما يقارب ثلاثة أرباع السياح القادمين ، وتجني أكثر من 71% من مداخيل السياحي العالمية . في حين نجد أن حصة الدول النامية لا تتجاوز الفتافيت نظرا ً لانخفاض حجم السياح الوافدين إليها ، مثلا ً تستقبل أفريقيا 3,4% من السياح ، وتحصل على 1,8% من المداخيل السياحية ، آسيا الجنوبية (0,8% من السياح ، 0,9% من المداخيل ) الشرق الأوسط (2% من السياح ، 1,8% من المداخيل ). ورغم ذلك ،تعتبر بلدان الشرق الأوسط كسوريا ولبنان والأردن مقصد سياحي هام للدول الغنية ، بسبب ما تتمتع به هذه الدول من مناخ معتدل ، وما تحتويه من غنى في الآثار والغنى البيئي الطبيعي ، مع رخص الأسعار الذي يشكل عامل جذب للسياح والتي تستند هذه الدول على القوة السياحية الخارجية بشكل هام في قطاعها السياحية وليس على مواطنيها بسبب ما يسود من عجز في الإمكانيات المالية لديهم للقيام بمثل هذه النشاطات الحيوية ؛ وما تحقق من أرباح ينعكس على نمو اقتصادها من حيث ارتفاع مداخيل على مستوى الدخل الفردي والقومي ، وهذا ما شجع الحكومات لديها في تطوير القطاع السياحي وتأهيله بالمرافق الحيوية اللازمة له.