الدراما التركية تساهم في ازدهار الموسم السياحي
إذاعة هولندا العالمية
09-07-2008
بعد المسلسلات اللاتينية التي أثارت الإعجاب في البلدان العربية، والتي عرضت مدبلجة باللغة العربية الفصحى، حان الدور على المسلسلات التركية، والتي عرض منها حتى الآن مسلسلان، هما سنوات الضياع، ومسلسل نور، الذي سبب في عدة حالات طلاق في منطقة الخليج، وأيضا دفع عشاق المسلسل لتعلم اللغة التركية، وألهم من ذلك أن نسبة السواح الخليجيين الراغبين في قضاء العطلة الصيفية في تركيا قد زادت بشكل كبير، والفضل في ذلك ليس حزب العدالة والتنمية، وإنما مهند ولميس وهما أبرز شخصيتين في مسلسل سنوات الضياع، وكذلك الشخصيات التي ظهرت في مسلسل نور، اللذين تبثهما قناة أم بي سي.
مواليد وطلاق
وأكد موقع محطة أم بي سي التلفزيونية أن ما بين 50 إلى 70 مولودا في الأردن من جملة 288 مولودا أطلق عليهم اسم مهند، لميس، يحي، نور، أيمن أو دانا في الأردن فقط، وهذه الأسماء هي أسماء أبطال المسلسلين، أما في الجامعات الأردنية فقد عبر الكثير من الشباب عن رغبتهم بالزواج من لميس أو نور، بينما عبرت الفتيات عن رغبتهم بالزواج من مهند أو يحي. وكان سبب معظم حالات الطلاق في الخليج، هو تغزل الزوج في بطلة المسلسل، أثناء متابعته لإحدى الحلقات بحضور زوجته. في الحقيقة حتى الممثلة التركية سونغوا أودان التي تؤدي شخصية نور في المسلسل تلاحقها قضية طلاق، رفعها ضدها زوجها التركي لاشتباهه في علاقة حب حقيقية مع زميلها الممثل كيفانغ تاتليتوغ الذي يؤدي دور مهند في نفس المسلسل.
كما في المسلسلات القادمة من أمريكا اللاتينية تركز الدراما التركية على الأوساط الثرية، وعلى علاقات الحب الرومانسية، ومباهج الحياة المعاصرة، مما يجعل المشاهدين الذين لا يستطيعون العيش في هذا المستوى، يعوضون عن ذلك بمشاهدة العالم الافتراضي، ويحلمون أن يحلوا محل أحد البطلين، وساعد على ذلك أن المسلسلين التركيين دبلجا باللهجة السورية، وليس مثل المسلسلات اللاتينية باللغة العربية الفصحى، وخاصة بعد نجاح الدراما السورية في شهر رمضان الماضي، وخصوصا مسلسل باب الحارة.
أفضل متنفس
لعل هذا التعلق بالمسلسلات اللاتينية ثم التركية، يعكس الهوة الاجتماعية التي تعيش فيها المجتمعات العربية، فالمجتمعات الفقيرة التي يناضل أغلب سكانها من أجل ضمان لقمة العيش، يجدون في هذه المسلسلات أفضل متنفس للخروج من الواقع القاسي والكئيب، بينما يجد الأغنياء في الخليج وخاصة في البلدان التي تمنع اختلاط الجنسين، متنفسا للخروج من هذا التزمت، كما ساهم اختفاء الطبقة الوسطى من معظم الدول العربية، التي كانت تنتج القيم في تشويه هذه المجتمعات، فالطبقة الجديدة التي حملها النفط، أو الانقلابيون إلى مركز الصدارة لا تملك شيئا إلا المال الذي على استعداد لإنفاقه في أي شيء.
أزمة خانقة
لم تعد الأفلام الهندية تشد المشاهد العربي، فقد عبرت تلك الأفلام التي يدخل الجميع للبكاء في ظلام دور العرض، متنفسا نفسيا لوجدان مأزوم، ووصل المر أن بعض الشباب كان يحفظ أغاني الأفلام، دون أن يفقهوا كلمة واحدة باللغة الهندية، وتلتها موجة أفلام الكونغ فو، وخاصة أفلام بروس لي لتعكس الهوس بامتلاك القوة، ويبدو أن الفقراء الهنود والصينيين لم يعد لهم مكان في عالم الأغنياء، حتى ولو جاءوا من بلدان فقيرة مثل المكسيك، أو في طريق النمو مثل تركيا.
ويمكن القول أن سبب نجاح المسلسلات التركية يعود أيضا إلى فشل الكثير من المسلسلات العربية، التي ركزت على اللغةالعربية الفصحى، وخاصة التاريخية منها التي لم يعد الكثير من المشاهدين يفضلها، عندما تكفلت اللهجة السورية بتقديم نبض الحياة المعاصرة كما يـألفه الناس، أما المسلسلات التي تعكس نضال الناس، وتظهر الحياة في الحارات الشعبية مثل الحارة المصرية، فقد انصرف عنها الناس لما احتوته من جرعات إيديولوجية عالية، لم تؤد إلى أي انفراجة لأناس يمضون أغلب وقتهم في طابور الخبز.
الثروة الجمال والحب
هذه المرة غزا الأتراك البلدان العربية ليس بجيوش من الانكشاريين،وإنما بأجمل وجوه يمكن العثور عليها في بلاد الأناضول والبسفور، وبخلطة سحرية تجمع الثروة والجمال والحب، مع شيء من اللوعة الهندية القديمة التي لا تؤدي للبكاء، وإن أدت للطلاق، ويتوقع أن تتولى الدراما السورية الحلول محل الدراما التركية، فهي لا ينقصها شيء من الناحية الفنية، فيمكنها تقديم ما يضاهي المسلسلات التركية، من حيث الأداء الراقي، ونقاء الصورة، والإخراج المميز، أما راس المال فعلى الأرجح سيأتي من المحطات التلفزيونية الخليجية، ولكن هل فعلا تعكس هذه المسلسلات الهموم الحقيقية للناس؟ أم أنها مجرد مخدر لمنطقة تعيش أزمة حقيقية من جميع الوجوه.