في السابق كنا نحذّر من مخاطر دوبلاج مسلسلات الكرتون بلهجات محلية وتصديرها لنا ولعلنا لاحظنا أن هذا الأمر خرج من دائرة قنوات أوربت التي قامت بدوبلاج معظم إنتاج ديزي إلى اللهجة المصرية وبدأ ينتشر في كل قنوات الأطفال وهذا للأسف فيه تعميق للهجات وفيه تشويه للتغريب وليس تعريباً للتغريب. الآن انتقلنا من موجة المسلسلات المكسيكية والبرازيلية ودخلنا في دائرة الإنتاج التركي والياباني والصيني وقريباً سيكون كل إنتاج دول العالم ناطقاً بالعربية وقد يقول البعض وما الضير في هذا أليس في هذا انفتاحاً على الآخر؟
علينا أن نطرح سؤالاً مهماً وهو لماذا تلجأ القنوات إلى هذا النوع من الإنتاج وما هي سلبياته وما هي إيجابياته؟ القنوات بدأت تلجأ الى هذا النوع من الإنتاج لسببين الأول مادي ويتمثل في الحصول على كم كبير من الحلقات في مقابل أسعار أدنى بكثير من الإنتاج العربي وهذا يغطي مساحات بث أكبر بتكلفة أقل أما السبب الثاني فهو التنوع وحرية العرض فأنت عندما تعرض أنماطاً وسلوكيات حياة شعوب أخرى بما فيها من تناقض مع طباع وسلوكيات مجتمعك العربي المسلم فأنت تقول إنك ناقل لنماذج حياة شعوب أخرى وبالتالي فأنت غير ملام عندما تعرض (العلاقات العاطفية بما فيها من أحضان وقبلات) وأنت هنا تطرح أماكن لم تقتحمها المسلسلات العربية كصالات القمار والبارات كأنك تجيز ادخالها الى قائمة مواقع التصوير العربية ومنها البارات وصالات القمار.
فالقائمون على إنتاج المسلسلات العربية يعتبرون عرض هذه النماذج قبولاً بها ولهذا ستأتي بعد ذلك مرحلة قبولها ضمن نسيج الإنتاج العربي. المسلسلات الخليجية أيضاً أضافت مناطق كانت محرمة في السابق فكان لها السبق في فتح باب تصوير السهرات الليلية للشباب والشابات أو ما يعرف (بالليالي الحمراء) وكانت البداية عبر أحد مسلسلات فجر السعيد وانتقلت العدوى حتى للإنتاج السعودي.
السؤال الأهم ماالذي يجنيه مشاهد عربي مسلم عندما نقدم له قضايا مجتمعات أخرى يعتبر فيها القمار هواية والحمل بدون زواج حرية شخصية!؟ ألا تلاحظون أن الإنتاج التركي المدبلج أتانا هذه المرة بشكل مختلف عن المكسيكي الذي كان يأتي بالعربية الفصحي وبأسماء المسلسل الأصلي وهذا يختلف كلياً عن الإنتاج التركي الذي حوّل الأسماء التركية إلى أسماء عربية وأتانا بلهجة سورية وكأنه إنتاج سوري كامل وهذا نوع من أنواع التقارب الحسي بين ما ترى وما يجب أن تعيش.
أعتقد أننا شعوب تتنازل عن هويتها في كل يوم ولهذا التنازل أشكال عدة منها اجتياح إنتاج الدول الأخرى التي تحمل ثقافتها وسمات مجتمعها وبلغتنا أو بلهجاتنا وبأسمائنا. وغداً سترون إنتاجاً يابانياً أو كورياً والبطل فيه فليحان والبطلة حصة، في ظل غياب رصد لرأي المشاهد ..
وفي ظل غياب جمعيات حقوقية تدافع عن حقوقنا وتوضح مالنا وما علينا لا يبقى أمامنا إلا أن نسهم في طرح هذه الأمور بالكلمة.
وفي الختام اتوجه للجميع بضرورة الحذر ومعارضة هذه المسلسلات التي تدرج من بين احدى انواع الغزو الفكري للمجتمع العربي ككل